مما ورد فضائل عرفة في القرآن :
1- {اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً}
في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لا تخذنا اليهود نزلت لا تخذنا ذلك اليوم عيداً فقال: أي آية: قال: { اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً } فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه ، و المكان الذي نزلت فيه : نزلت و رسول الله صلى الله عليه و سلم قائم بعرفة يوم الجمعة . و خرج الترمذي عن ابن عباس نحوه
و إكمال الدين في ذلك اليوم حصل من وجوه:
منها أن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام بعد فرض الحج قبل ذلك و لا أحد منهم، و إنما يكمل الحج بيوم عرفة و الوقوف بعرفة فإنه ركن الحج الأعظم كما قال صلى الله عليه و سلم: ( الحج عرفة ) ، هذا قول أكثر العلماء أو كثير منهم فيكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها.
و منها: أن الله تعالى أعاد الحج على قواعد إبراهيم عليه السلام و نفى الشرك و أهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد. قال الشعبي: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و سلم و هو واقف بعرفة حين وقف موقف إبراهيم و اضمحل الشرك و هدمت منار الجاهلية و لم يطف بالبيت عريان . و كذا قال قتادة و غيره ،
و قد قيل : إنه لم ينزل بعدها تحليل و لا تحريم قاله أبو بكر بن عياش ،
و أما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة فلا تتم النعمة بدونها كما قال لنبيه صلى الله عليه و سلم : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك و ما تأخر و يتم نعمته عليك و يهديك صراطاً مستقيما } .
2-{ والشفع والوتر}
. و منها : أنها قد قيل : إنه الشفع الذي أقسم الله به في كتابه و أن الوتر يوم النحر . و قد روي هذا عن النبي صلى الله عليه و سلم من حديث جابر خرجه الإمام أحمد و النسائي في تفسيره .
3- { و شاهد و مشهود }
و قيل : إنه الشاهد الذي أقسم الله به في كتابه فقال تعالى : " و شاهد و مشهود " . و في المسند " عن أبي هريرة مرفوعاً و موقوفاً : الشاهد يوم عرفة ، و المشهود يوم الجمعة " ، و خرجه الترمذي مرفوعاً ، و روي ذلك عن علي من قوله . و خرج الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعاً : " الشاهد يوم الجمعة ، و المشهود يوم عرفة " ، و على هذا فإذا وقع يوم عرفة في يوم الجمعة فقد اجتمع في ذلك اليوم شاهد و مشهود .
مما ورد فضائل عرفة في السنة:
أنه روي أنه أفضل الأيام خرجه ابن حبان في صحيحه من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أفضل الأيام يوم عرفة ) . و ذهب إلى ذلك طائفة من العلماء ، و منهم من قال : يوم النحر أفضل الأيام لحديث عبد الله بن قرط " عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم النفر ) ، خرجه الإمام أحمد و أبو دواد و النسائي و ابن حبان في صحيحه و لفظه : " أفضل الأيام " .
و منها : أنه روي عن أنس بن مالك أنه قال : كان يقال : يوم عرفة بعشرة آلاف يوم ، يعني في الفضل ، و قد ذكرناه في فضل العشر .
و روي عن عطاء قال : من صام يوم عرفة كان له كأجر ألفي يوم .
و منها : أنه يوم الحج الأكبر عند جماعة من السلف منهم عمر و غيره ، و خالفهم آخرون و قالوا : يوم الحج الأكبر يوم النحر . و روي ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم .
و منها : أن صيامه كفارة سنتين.
و منها : أنه يوم مغفرة الذنوب و التجاوز عنها ، و العتق من النار و المباهاة بأهل الموقف ،
كما في صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة ، و إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ ) .
و في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ) ، و فيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (إن الله يباهي بأهل عرفات يقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ) ، و خرجه ابن حبان في صحيحه .
و خرج فيه أيضاً من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ، ينزل الله تبارك و تعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول : انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي و لم يروا عذابي ، فلم ير أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة ) . و خرجه ابن منده في كتاب التوحيد و لفظه : ( إذا كان يوم عرفة ينزل الله إلى سماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً من كل فج عميق ، أشهدكم أني قد غفرت لهم فتقول الملائكة : يا رب فلان مرهق فيقول : قد غفرت لهم . فما من يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة ) . و قال : إسناد حسن متصل انتهى .
و رويناه من وجه آخر بزيادة فيه و هي : ( أشهدكم يا عبادي أني قد غفرت لمحسنهم و تجاوزت عن مسيئهم ) . و رويناه من رواية إسماعيل بن رافع ـ و فيه مقال ـ " عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( يهبط الله إلى السماء الدنيا عشية عرفة ثم يباهي بكم الملائكة فيقول : هؤلاء عبادي جاؤوني شعثاً من كل فج عميق يرجون رحمتي و مغفرتي ، فلو كانت ذنوبهم كعدد الرمل لغفرتها ، أفيضوا عبادي مغفوراً لكم و لمن شفعتم فيه ) ، و خرجه البزار في مسنده بمعناه من حديث مجاهد " عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم و قال : لا نعلم له طريقاً أحسن من هذا الطريق " .
و خرجه الطبراني و غيره من حديث عبد الله بن العاص عن النبي صلى الله عليه و سلم مختصراً ، و رويناه من طريق الوليد بن مسلم قال : أخبرني أبو بكر بن أبي مريم عن الأشياخ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (إن الله عز و جل يدنو إلى السماء الدنيا عشية فيقبل على ملائكته فيقول : ألا إن لكل وفد جائزة و هؤلاء وفدي شعثاً غبراً أعطوهم ما سألوا و اخلفوا لهم ما أنفقوا حتى إذا كان عند غروب الشمس أقبل عليهم فقال : ألا إني قد وهبت مسيئكم لمحسنكم ، و أعطيت محسنكم ما سأل ، أفيضوا بسم الله ) .
و روينا من طريق نفيع أبي دواد " عن ابن عمر مرفوعاً و موقوفاً : إذا كان يوم عرفة لم يبق أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا غفر له ، قيل له : أللمعروف خاصة أم للناس عامة ؟ قال : بل للناس عامة " .
و خرج مالك في الموطأ من مراسيل طلحة بن عبيد الله بن كريز " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر و لا أدحر و لا أحقر و لا أغيظ منه يوم عرفة ، و ما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة ، و تجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر " .
قيل : و ما رأى يوم بدر " قال : رأى جبريل عليه السلام و هو يزع الملائكة " .
حديث عباس بن مرداس الذي خرجه أحمد و ابن ماجه في دعاء النبي صلى الله عليه و سلم لأمته عشية عرفة ثم بالمزدلفة فأجيب فضحك صلى الله عليه و سلم و قال : ( إن إبليس حين علم أن الله قد غفر لأمتي و استجاب دعائي ، أهوى يحثي التراب على رأسه و يدعو بالويل و الثبور فضحكت من الخبيث من جزعه ) .