فارس الاشهار المدير العام
المزاج : المهنة : الجنسية : عدد المساهمات : 2392 نقاط : 5937 تاريخ الميلاد : 21/02/1987 تاريخ التسجيل : 27/05/2009 العمر : 37 الموقع : artist-dz.yoo7.com الاوسمة :
| موضوع: المغرب المعربي وحتمية التعاون الأحد فبراير 14, 2010 8:09 pm | |
|
المغرب المعربي وحتمية التعاون
في ظل التحولات العالمية بشكل عام والإقليمية بشكل خاص، والتي تمثلت في التوجه نحو التكاملات الإقليمية على غرار الاتحاد الأوروبي أصبح من الضرورة بمكان أن تتوجه دول المغرب العربي إلى تكامل يضمن لها التواجد كفاعل على المستوى المتوسطي والعالمي لبناء علاقات أكثر ندية . إن الوقوف على طبيعة العلاقة التي تحكم المنطقة المغاربية من منظور الواقعية the realism هي علاقات مبنية على عدم الثقة والصراع the conflict ،خاصة في فترة الستينات والسبعينات ،ولعل الحرب الجزائرية ـ المغربية ) حرب الرمال ( سنة 1963 والتصعيد الخطير على الحدود بين البلدين سنة 1975 ،دليل على صحة هذا الطرح .وقد تبدو طبيعة الأنظمة الثورية زادت في حدة الصراع في المنطقة، وجعلت المسائل ذات الأهمية على سلم الترتيب هي مسائل الأمن الوطني، بينما تمثل المسائل الاقتصادية والاجتماعية مسائل ثانوية " السياسة الدنياlow politics " ،وهو التصور الذي كان أكثر نضجا مع المقاربة الواقعية الجديدة ) البنيوية النسقية( . وقد تلجأ الدول إلى تقويض أمن جيرانها لخلق نوع من الفوضى، ولعل الطابع الفوضوي الذي ميز المنطقة المغاربية هو نتيجة هذا الصراع الذي يحكم العلاقات البينية، ويمكن إرجاع ذلك إلى سببين أساسيين: أولا قضية الصحراء الغربية، وثانيا قضية الطوارق. فهاتين القضيتين تعتبران سبب فشل مقاربات التعاون ألمغاربي . بالنسبة لقضية الصحراء الغربية بأبعادها التاريخية كانت سبب إجهاض مشروع الاتحاد ألمغاربي سنة 1989، والذي ضم الجزائر،المغرب تونس،ليبيا،موريتانيا ـ وللإشارة أن إقليم الصحراء الغربية تبلغ مساحته266 ألف كلم² ،وهو يطل على المحيط الأطلسي ،يضم موارد طبيعية هائلة خاصة الفوسفات ـ .مع انسحاب المستعمر الأسباني نشأ صراع بين كل من المغرب وموريتانيا حول أحقية الإقليم، وفي 27فيفري 1976 أعلنت جبهة البوليزاريو قيام الجمهورية العربية الصحراوية، لتعترف بها الجزائر وليبيا من جهة وتعرض قيامها كل من المغرب وتونس من جهة ثانية، ليحتدم الصراع ومع مرور الوقت انسحبت تونس من الصراع تاركة المغرب المصر على الاحتفاظ بأحقية الإقليم إلى اليوم. أما بالنسبة لقضية الطوارق فقد أخذت منحى تصعيدي أخر خلف ما يسميه Barry Buzan بالمأزق الأمني المجتمعي، فالطوارق ينتشرون في مساحة تقدر بحوالي 2مليون كلم²، وتزامنت خطورة الوضع مع الدعوة التي وجهها العقيد ألقذافي للطوارق بالتوجه نحو إقامة فيدرالية كبرى، وهو ما أثار حفيظة الجزائر واعتبرته دعوة لطوارق الجزائر للانفصال، خاصة في ضل ميزة العجز التي تطبع دول الساحل الإفريقيFailed states .وفي مداخلة للدكتور حسين قادري ـ رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة باتنة ـ في مداخلة بالملتقى الوطني المنعقد بجامعة بسكرة في 14/15 ماي 2008 أكد بأن قضية الطوارق تم استغلالها من عدة أطراف ,وأشار بالخصوص إلى الطرف الليبي والمغربي. ولدعم الطرح الواقعي أكثر يمكن اتخاذ مدخل التسلح كدليل على الطبيعة الصراعية التي تحكم العلاقات المغاربية ،وهو ما يعرف في الأدبيات الأمنية بمقاربة " معضلة الأمن " : حيث تحاول كل دولة أن تحافظ على أمنها بمفردها فتقوم باتخاذ تدابير ـ والتي من شأنها الحفاظ على الأمن ـ كالاهتمام بتقوية قدراتها العسكرية والاحتفاظ بجيش قوي ،في حين ترى الدولة الأخرى أن هذه الإجراءات التي تقوم بها الدولة للحفاظ على أمنها قد يكون غرضها عدوانيا، وهكذا ينشأ الصراع. وهذه المقاربة تتجسد فصولها في العلاقات الجزائرية ـ المغربية بالتحديد. فمع تحسن الضر وف الأمنية نوعا ما في الجزائر والتي صاحبها ارتفاع في أسعار البترول توجهت نحو عقد مجموعة من صفقات التسلح، والتي كانت أهمها مع روسيا وريث الاتحاد السوفيتي في حدود 7.5 مليار دولار شملت شراء طائرات مقاتلة ودبابات متطورة من طراز T92، وهو ما دفع المملكة المغربية بإعلان حالة الاستنفار ،واتهمت الجزائر بتأجيج الصراع ،في حين تقول الجزائر أن أسلحتها دفاعية وموجهة لمحاربة الإرهاب ،وهو ما حدا بالرباط إلى التوجه نحو عقد صفقات تسلح كبيرة ردا على الجزائر. ومع الانفتاح الغربي على ليبيا بعد إعلانها التخلي عن برنامجها النووي أخذت هي الأخرى على عاتقها إجراء صفقات تسلح كبيرة مع فرنسا ساركوزي وهو ما خلق فوضى تسلح في المنطقة والذي تكون نتيجته الحتمية الصراع. إلا أنه هناك نظرة تختلف على ما تم التطرق إليه يمثلها الاتجاه الليبرالي بشكل عام، فهذا الاتجاه يرى بأن العلاقات المغاربية هي علاقات تبنى على السلام والتعاون. فالبرادايم الليبرالي )ألتعددي ( أوالاطار ألمفاهيمي الليبرالي العام يحاول الإجابة على الأسئلة التالية: كيف ولماذا تتعاون الدول ؟ كيف تنمو وتتطور المعايير الدولية للسلوك وتؤثر على أولويات وأفعال الوحدات الدولية وغير الدولية؟ فالإجابة على هذه الأسئلة تعكس وبدون شك تأثير الخلفية أو المرجعية لفكرية للتعددية ،هذه المرجعية تنحصر بالدرجة الأولى في الليبرالية liberalism كفلسفة سياسية وليبرالية جماعة المصلحة interest croup liberalism كمقاربة لدراسة السياسة الداخلية Domestic Politics ،أي محاولة تأثير السياسة الداخلية على القرار الخارجي .ومن هنا يمكن أن نورد ما قدمه الأستاذ Andrew Moravesk ،بحيث يذهب إلى التركيز على الفواعل ما تحت الدولة ليشير إلى أهميتها في رسم السياسة الخارجية للدول. ونحن بدورنا نتساءل هل بامكان الشعوب المغاربية التضحية بالروابط الاجتماعية التي تربطها من أجل قرارات غير عقلانية من الحكام ؟ وهنا يمكن الإشارة إلى إحصائية قدمتها الجمارك الجزائرية تشير بأن المغرب هو أول شريك للجزائر على المستوى الإفريقي ،وقد بلغ حجم المبادلات 570 مليون دولار دون احتساب مليوني دولار قيمة البضائع المهربة ،وأن 550 ألف جزائري زاروا المغرب سنة 2007 ،وفي المقابل 45 ألف مغربي يقيمون في الجزائر. وهناك العديد من المشاريع بين الدول المغاربية خاصة الطاقوية منها بين كل من الجزائر والمغرب من جهة وبين تونس وليبيا من جهة ثانية. ومن هنا يمكن القول أن الفواعل ما تحت دولتية يمكن أن تلعب دور كبير في التقدم نحو بناء السلام والتعاون بين الدول المغاربية. ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك حينما يتهم الأنظمة بالكذب على الشعوب ومحاولة الهاء الشعوب على ما يجري بالداخل بتوجيه نظرها نحو المشاكل الخارجية، وهو ما ذهب إليه Julien Freund في تقديمه لكتاب George Simmel والذي حذى حذوه لويس كوزر في كتابه وظائف الصراع the functions social conflict وكلهم يمثلهم الاتجاه الوظيفي في تحليل الصراع. في حين يركز البعض على العامل الاقتصادي والدور الذي يمكن أن يلعبه في مد التعاون في العلاقات الدولية ويعتبر كتاب الوهم الكبير the great Illusion لصاحبه Norman Angell إحدى أقدم الوثائق التي تستمر بها التفاؤل ،وقد صدر عام 1910 .وهو امتداد للمقولة الليبرالية " التجارة يمكن أن تجعل الحرب شيا من الماضي ". وفي فترة ما بعد الحرب الباردة ارتفعت العديد من الأصوات التي تنادي إلى ضرورة التعاون الاقتصادي للقضاء على مفاهيم الصراع والفوضى والقوة التي رافقت المنظور الواقعي، حيث قول الأستاذ روز كرانس :" أن ارتهان الدول اقتصاديا فيما بينها يقلل من ميلها إلى القتال، وبأن من الآن فصاعدا لم يعد مفتاح القوة العالمية في القوة العسكرية، وإنما في التجارة". وتبقى فرص التعاون الاقتصادي بين الدول المغاربية كبيرة وكبيرة جدا، وذلك لعدة اعتبارات من بينها الامتداد الجغرافي لدول المغرب العربي، فليس هناك حواجز جغرافية مما يسهل الاتصال، وامتلاك كل من الجزائر وليبيا للموارد الطاقوية والتي تفتقر لها كل من المغرب الأقصى وتونس في حين تعتبر الدول المطلة على المحيط على غرار المغرب وموريتانيا غنية ورائدة في تقديم اللحوم البيضاء) الأسماك( .إلى جانب ذلك تتوفر تونس على ثروة سياحية كبيرة، كل هذه مؤشرات على خلق تكامل قوي بين الدول المغاربية. وهو الهدف الذي سعت إلى تبسيطه نظريات التكامل والاندماج على غرار الوظيفية الجديدة Neo Functionalism الذي قدمته إسهامات الأستاذ ارنست هاس Ernest Hass ، وهو طرح جاء في إطار جهوي يقر بأسبقية العامل الاقتصادي على السياسي، وهو ما يمكن الاعتماد عليه في ظل الطبيعة الثورية للأنظمة المغاربية، خاصة وأن الانتشار لا يحدث في قطاعات الأمن والسياسة الخارجية لأنها تبقى القطاعات المفضلة لدى القيادات الكاريزمية ، ولكن حسبه ولتسريع عملية التكامل يجب تدخل السلطات العليا، لذلك نجد الوظيفية الجديدة تفسر فشل المشروع ألمغاربي بسبب عدم تدخل السلطات العليا لتسريع العملية إلى جانب أنه لم يشمل القطاعات البسيطة، أي أنه لم يخضع إلى مبدأ الانتشار عكس التجربة الأوروبية. بعد الحرب الباردة ظهرت متغيرات جديدة أدت إلى نشأة مناخ أمني جديد كان له تأثيره على مفهوم الأمن ،ــ وكان لزاما ــ مع التطورات التي شهدها النظام الدولي أن تتم إعادة النظر في كافة الافتراضات الأساسية للنظريات الأمنية في العلاقات الدولية. فالأمن المعاصر هو الأمن الشامل بمفهومه الواسع المتعدد الأبعاد والاتجاهات والمجالات فهو ليس مجرد إجراءات للدفاع أو ترتيبات للحماية، بل هو الاستقرار بأوسع معانيه، وهذا يعني ضرورة حل المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فالفكرة اليوم هي أن " أمن الأخر يرتكز بشكل كبير على أمن الآخرين " وهو ما يعكس التوجه العالمي لتحقيق الأمن المشترك أو الجماعي الذي أصبح في ظله الاعتماد المتبادل بين مجموعة متجانسة من الدول وليس التحالف العسكري هو السمة الأساسية للعلاقات الدولية والمجتمعات الإقليمية . وفي ظل التهديدات الجديدة التي أصبحت تهدد الدول المغاربية والمتمثلة في الهجرة الغير شرعية والإرهاب بالتحديد، أصبح لزاما على هذه الدول المغاربية مجتمعة التفكير في إستراتيجية أمنية مشتركة للحفاظ على استقرارها . يقول كلود مونيكيه ــ من المركز الأوروبي للمعلومات الإستراتيجية والأمن في بروكسل ــ "إنهم يعلمون أنهم يواجهون خطرا مشتركا ) ويقصد الحكومات المغاربية( ...إنهم يعلمون أنه ليس أمامهم خيار أخر في هذا الصدد إلا التعاون " . ويتفق أغلب الخبراء على أن منطقة المغرب العربي تعتبر عصب حيوي للجماعات الإرهابية نتيجة قربها من أوروبا ) التي تعتبر هدف للجماعات الإرهابية ومكان لجمع الأموال وتهريبها( هذا من جهة، ومن جهة أخرى منطقة المغرب قريبة من دول الساحل الإفريقي التي تعتبر سوق كبيرة للسلاح نتيجة امتدادها لمنطقة القرن الإفريقي) الصومال( ، وهو ما يفسر التواجد الكبير للجماعات المسلحة وبالتحديد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . ومن خلال كل هذه التصورات يمكن أن يمثل نموذج الأستاذ كارل دويتش K. Deuch الحل بالنسبة للمأزق الأمني الذي تعيشه دول المغرب العربي نتيجة تعدد الأخطار المحدقة بها، والتي يأتي على رأسها الإرهاب ومن وراءه الجريمة المنظمة .فنموذج الأمن التعددي الذي قدمه دويتش ينبني على إستراتيجية موحدة تقترن باتصالات مكثفة بين الدول، في الوقت الذي تحافظ فيه هذه الدول على سيادتها كاملة واستقلالها، هذه المقاربة تتواءم مع طبيعة الأنظمة المغاربية ذات الميولات الكاريزمية، فالمطلوب في ظل هذه التهديدات الجديدة بناء نظام معلوماتي معرفي مشترك، ولكن هذا بداية إلى التعاون الموسع
| |
|