حياة نحلة العسل من البيضة إلى الحشرة الكاملة. ينشأ النحل
من البيض الذي تضعه الملكة، حيث يضع الذكر خلال
عملية التزاوج السائل المنوي (سائل
مخصب) داخل جسم الملكة. يحتوي هذا السائل على نطف (خلايا جنسية ذكرية). وتُخزِّن الملكة هذه الحيوانات
المنوية في جراب داخل بطنها. فإذا أُطلقت
الملكة حيوانات منوية على بيضة ما، فإنها تفقس نحلة شغالة، وإذا لم تُخصب بحيوان منوي، فإن البيضة تفقس ذكرًا.
ولون بيض نحل العسل أبيض
لؤلؤي وبحجم رأس الدبوس. وتبدأ النحلة بالتطور حالما تضع الملكة البيضة. وتنفقس البيضة بعد ثلاثة أيام من
وضعها، وتخرج منها يرقة على شكل دودة صغيرة تزحف خارج البيضة. تضع الشغالات
الغذاء اليرقي الذي يدعى الهلام
أو الغذاء
الملكيفي
أسفل كل خلية من عش الحضانة.
والهلام الملكي مادة قشدية غنية بالفيتامينات
والبروتينات. ويتم تشكيله عن طريق الغدد
الموجودة في رأس الشغالات الفتية. وعندما يصبح عمر اليرقة ثلاثة أيام
تغذيها الشغالات بخليط من العسل وحبوب
اللقاح الذي يُدْعى خبزالنحل.
تبني الشغالات الغطاء الشمعي فوق
الخلايا بعد نحو خمسة أيام من انفقاس اليرقة. وبعدها يحدث التغيُّر الكبير، فتتحول اليرقة الشبيهة
بالدودة إلى خادرة. وبعدها تنمو لتصبح حشرة
كاملة. تخرق الحشرة الكاملة خليتها المغلقة بعد 21 يومًا من وضع البيض، بينما يستغرق الذكر 24 يومًا ليتطور أو ينمونمو
الملكة. تحتاج المستعمرة إلى ملكة جديدة إذ
اختفت الملكة القديمة أو أصبحت ضعيفة.
ويتطلب الأمر ملكة جديدة أيضًا إذ قررت الملكة القديمة، أو جزء من نحل المستعمرة، المغادرة وبناء خلية
جديدة.
تختار
الشغالات بطريقة نجهلها بعض اليرقات لتصبح ملكات، فيغذين هذه اليرقات على
الغذاء الملكي فقط. وفي الوقت نفسه، تبني شغالات
أخرى خلايا خاصة لتنمو بها الملكات. وتشبه
خلية الملكة نصف الغلاف الخارجي لحبة الفول السوداني معلقة في قرص العسل. وتتحول يرقة الملكة إلى خادرة بعد خمسة أيام ونصف
اليوم من فقسها. وتزحف الملكة خارج شرنقتها
بعد 16 يومًا من وضع البيض. ويعتقد العلماء أن بإمكان الشغالات أن يضفن مادة خاصة للغذاء الملكي المخصص للملكة ليجعلن
نموها أكثر سرعة وتأخذ شكلاً مختلفًا عنهن.
طيران التزاوج. عندما تخرج الملكة الصغيرة من خليتها الخاصة، فإن النحل في المستعمرة
لا يهتم بها كثيرًا. تتغذى هذه الملكات بالعسل فتزداد قوة. فإذا خرجت
ملكتان في وقت واحد، فإنهما تتقاتلان حتى تلسع
إحداهما الأخرى لسعة مميتة. فالملكة القديمة
يمكن أن تغادر الخلية أو تتقاتل مع الملكة الجديدة. وبعد أن تتخلص الملكة
الفتية من خصومها تطير خارج القفير أو الخلية.
ويمكن أن تتزاوج الملكة مع ذكر واحد فقط أو
مع عدة ذكور في بعض الأحيان ثم تعود الملكة الفتية إلى الخلية لتضع البيض
بعد يومين أو ثلاثة أيام. وتستطيع الملكة بعد هذا
التزاوج أن تضع البيض حتى نهاية حياتها.
وتستطيع الملكة أن تعيش حتى يصل عمرها إلى خمس سنوات، وهي تضع نحو مليون
بيضة خلال فترة حياتها.
التطريد. عندما تزدحم المستعمرة وتقل قدرة الملكة على وضع البيض؛
أن يتطور هذا البيض إلى خادرات، تُغطي الشغالات
الخلايا بالشمع. وبعد أيام قليلة من تغطية
خلايا الملكات الجديدات بالشمع، تغادر الشغالات مع الملكة القديمة الخلية
على شكل طَرد (سِرْب). ويُسمى طيرانها أو
نزوحها لتشكيل مستعمرة جديدة التطريد. وتبقى بعض
الشغالات في الخلية للعناية باليرقات والملكة الجديدة.
ويتجمع الطرد على شكل عنقود حول غصن
أو دعامة بعد ترك الخلية. وبعدها تبحث الشغالات
التي تُسمَّى الكشافات عن موقع جديد للمستعمرة. وكل نحلة تعود إلى الطرد وتقوم برقصات
خاصة لشرح المسافة واتجاه الموقع الذي وجدته لباقي
النحل. ومن ثَمَّ يبدأ النحل الكشَّاف
بالتحري عن مواقع بعضه بعضًا. وبإشارة خاصة،
يُسافر الطرد كله إلى أي موقع من هذه المواقع،
الذي يبدو أنه الأفضل. والذي يقود الطريق إلى الموقع الجديد هو النحل المخطَّط. ثم تتبعه الملكة.
البحث عن الغذاء. تمدُّ
الأزهار النحل
بحبوب اللقاح والرحيق اللذيْن يستعملهما غذاءً.
وتُعدُّ حبوب اللقاح مصدرًا لإمداد النحل الفتي
بالدهون والبروتينات والفيتامينات والمواد
المعدنية المهمة. ويُعَدُّ السكر الموجود في الرحيق
مصدرًا أساسيًا للطاقة.
تبحث النحلة الكشَّافة عن الغذاء للخلية، وعندما تجد
الغذاء تعود إلى الخلية وتستعمل الرقص لتخبر
النحل الآخر بمكان الغذاء اعتمادًا على اتجاه الشمس. والرقص
يشبه الرقص الذي يستعمله النحل الكشاف ليدل على مكان الموقع المناسب للخلية الجديدة.
فإذا كان الغذاء موجودًا باتجاه الشمس، فإن نحلة كشافة
تؤدي سلسلة من الحركات السريعة على شكل
الرقم (8) على قرص العسل. أما إذا كان الغذاء موجودًا بمقدار 30° إلى يمين اتجاه الشمس،
فإنها تؤدي سلسلة من الحركات بمقدار 30° إلى
يمين الخط الوهمي العمودي على قرص العسل. ويدل الرقص كذلك على مسافة
الغذاء. فكلما كان رقص النحلة الكشافة سريعًا كانت
مسافة الغذاء قريبة.
صناعة العسل. للأزهار غدد
خاصة تدعى الغدد الرحيقية التي تنتج الرحيق. تمتص
شغالات نحل العسل الرحيق من الأزهار بألسنتها الطويلة وتخزنه في معدة العسل. فعندما تملأ النحلة معدة العسل بالرحيق،
تعود إلى الخلية وتخرج الرحيق من فمها. وهي
تعطي هذا الرحيق إلى نحلة أخرى، أو تضعه في خلية فارغة في القفير. وبعدها تعمل الشغالات الموجودات في القفير على إضافة
إنزيمات معينة إلى الرحيق. وعندما يتبخر
الماء من الرحيق، يبدأ بالتحول إلى عسل.
تضع الشغالات أغطية من الشمع على الخلايا المملوءة
بالعسل. ويجمع مربو النحل
العسل من الأقراص، لكنهم
يتركون قسمًا كافيًا من العسل في القفير لتغذية النحل.
صناعة الشمع. تتطور غددٌ خاصةٌ منتجةٌ للشمع في بطون الشغالات وعمرها عشرة أيام تقريبًا. وتأكل الشغالات كميات
كبيرة من العسل، وتعمل الغدد الشمعية على
تحويل سكر العسل إلى شمع.
يتسرب الشمع من خلال ثقوب صغيرة في الجسم ويشكل رقائق
بيضاء على الوجه الخارجي للبطن، وتشكل
النحلة عادة ثماني رقائق في وقت واحد. وتنزع النحلة الرقائق من على بطنها بوساطة أرجلها رافعة إياها إلى فكّيْها. وبعد أن
تمضغ النحلة الشمع، تضعه على جزء من قرص
العسل الذي تبنيه. وتنتج النحلة شمع النحل عندما تحتاجه
لبناء قرص العسل. وتضع النحلة الشمع بشكلٍ
عام ابتداءً من اليوم العاشر وحتى اليوم السادس عشر من حياتها. تقسيم العمل. وضع البيض عمل الملكة
الوحيد. تضع الملكة البيض في الربيع بمعدل 2,000 بيضة في اليوم، أي بيضة
واحدة كل نحو 43 ثانية. والعمل الوحيد الذي تقوم
به الذكور هو إخصاب الملكة فقط. ولا تتزاوج
في العادة ذكور نحل العسل مع ملكة الخلية التي تعيش فيها.
ومن المحتمل أن تطير بعيدًا لعدة
أميال عن خلاياها لتتزاوج مع ملكات من خلايا أخرى.
توجد الذكور في المستعمرة خلال الصيف فقط. فهي تعتمد على الشغالات في
التغذية لأن ألسنتها ليست طويلة طولاً
يمكنها من الحصول على الرحيق. وعندما يصبح الغذاء قليلاً في الخريف تطردها الشغالات خارج الخلية لتموت.
ولا تضع الشغالات بيضًا
ولا تتزاوج ولكنها تقوم بإنجاز أعمال مختلفة أخرى.
ففي الأيام الثلاثة الأولى من العمر تقوم
الشغالة بتنظيف الخلية، كما تقضي بعدها عدة أيام في تغذية نحل العسل
وتنميته. ثم تبدأ الشغالة بعد ذلك إنتاج الشمع
وبناء خلايا قرص العسل، وبعد الانتهاء من
بناء قرص العسل، تقف الشغالات لحراسة مدخل الخلية وتتسلم الرحيق المجموع عن طريق النحل الآخر.
وعندما يصبح عمر الشغالة ثلاثة أسابيع، تبدأ البحث
عن الغذاء. وتواصل هذا العمل حتى نهاية حياتها. وخلال أيام الصيف المليئة
بالعمل، يمكن للشغالات أن تعيش ستة أسابيع فقط،
وخلال الأشهر التي يقل فيها العمل في الخريف
والشتاء يمكن للشغالات أن يعشن عدة شهور.
أعداء النحل. للنحل
أعداءٌ كثيرون. فالدِّببة وغُرَيْرات العسل
والنمل وحيوانات أخرى يمكن أن تُدمّر خلايا النحل أثناء بحثها
عن العسل. وهناك أعداء آخرون من الطيور مثل
صقر العسل (حوام
النحل) ودليلالمناحل
وآكلالنحل (الوروار)،
وكلها متخصصة في أكل النحل
والزنابير. وديدان الشمع
يمكن أن تدمر المستعمرة الضعيفة عن طريق تناول شمع قرص العسل. وتحاول
الشغالات أن يلسعن الغزاة لسعات مميتة، ولكنهن لا
يفلحن بشكل دائم. وتصطاد الدبابير التي تسمى
قاتلاتالنحل الشغالات
فتشلها وتضع بيضها عليها. فعندما تفقس يرقات
الدبور، فإنها تتغذى بجسم النحلة المشلولة. وهناك بقٌ يدعى سفاحالنحل متخصص في
التغذية بالنحل الذي يمسك به على الأزهار.
وتهاجم الطفيليات التي تُدعى سوس نحلالعسل (القمل)
النحل الصغير. وقد دمر هذا السوس آلاف الخلايا في كل من آسيا
وأوروبا والأمريكتين الشمالية والجنوبية.
يقع كل من النحل الصغير والمكتمل النمو أحيانًا ضحية لأمراض عفن الحضانة
الأوروبي وعفن الحضانة الأمريكي، إذ يمكن أن
يحول هذا المرض النحل
إلى كتلة صمغية لا حياة فيها. وتؤدي أيضًا بعض
العمليات الزراعية التي يمارسها الإنسان إلى
قتل النحل، مثل استخدام المبيدات الحشرية التي تتسبب في قتل أعداد كبيرة من النحل سنويًا. كما
أن استخدام مبيدات الحشائش يؤدي إلى إزالة الحشائش
التي تُعدُّ أزهارها مصدرًا غذائيًا مهمًا للنحل.