الحمد لله الذي هدانا
لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على خيرته من خلقه
محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما
بعد:
أيّها
المسلمون
لقد جعلت بعض المجتمعات للرّجولة مقاييس كاذبة ومعايير
فاسدة ثم قاست النّاس عليها أو خدعتهم بها
فتراهم
يعدّون في الرّجال كلّ من طال شاربه أو وفرت لحيته أو من تقدّمت سنّه وشاب
عارضاه أو من بسط له في جسمه وطالت قامته أو من فتلت عضلاته وقويت بنيته
أو من برع في جمع المال وعدّده
ولعمر
الله لو كانت الرّجولة بهذه المقاييس وحدها لامتلأت بالرّجال الميادين
ولضاقت بهم البيوت ولكنّ الرّجولة أعلى من تلك الصّفات وأسمى فكم من شابّ
في سنّ الثّلاثين أو كهل في سنّ الأربعين أو شيخ في سنّ السّبعين فإذا
فتّشت قلوبهم وجدت قلوب أطفال وأفئدة مراهقين تفرح بالتّوافه وتبكي على
الحقير وتتطلّع إلى ما ليس لها وتشحّ بما في أيديها.
وكم من غلام في مقتبل العمر دون العشرين ولكنّك ترى فيه
للرّجولة علامات وتلمح منها أمارات تلمسها في قوله الرّصين وتراها في عمله
المتين وتجدها في تفكيره الرّزين ويصدّقها خلقه العالي وتعامله النّاضج.
ألا
فاتّقوا الله أيّها المسلمون واعلموا أنّ الرّجولة لن تنمو ولن تترعرع ولن
تطول شجرتها ولن تتفرّع ولن يتربى الرّجال الصّالحون المصلحون إلاّ في ظلّ
عقائد راسخة تقوم على أصول ثابتة وتحفظها مبادئ متمكّنة أساسها التّوحيد
الخالص وبناؤها العمل الصّالح وتضبطها القيم وترعاها الفضائل
أمّا
في ظلام الشّكّ المزعزع للقلوب والإلحاد المحيّر للعقول ومهاوي الشّبهات
المضلّة أمّا في مستنقعات الرّذيلة والانحلال والسّفور الّتي تحفرها وسائل
الإعلام والقنوات والفضائيّات وتغذّيها الجرائد وتؤيّدها المجلاّت وتنقل
عفنها الجوّالات والشّبكات فلن يتخرّج للأمّة
رجال.
وإنّ
الدّنيا لم تر الرّجولة في أجلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك
النّماذج الكريمة الّتي صنعها الإسلام على يد رسوله العظيم صلى الله عليه
وسلم من رجال ..
يكثرون
عند الفزع ويقلّون عند الطّمع لا يغريهم الوعد ولا يليّنهم الوعيد ولا
يغرّهم النّصر ولا تحطّمهم الهزيمة
ولن تستعيد الدّنيا الرّجولة إلاّ بإحياء تلك النّماذج
العظيمة في الواقع وعرض سيرهم على النّاشئة.
فاتّقوا
الله أمّة الإسلام وسيروا سيرة محمّد بن عبد الله وترسّموا خطاه وأحيوا
سنّته واهتدوا بهديه تفوزوا وتفلحوا.